رواية النار و الماء .
الفصل العاشر .
وصلنا فى الفصل الماضى على أنه عندما طلب سيدنا يوسف عليه السلام أن يكون مسئول عن الخزائن و وافق الملك هى طلب سيدنا يوسف عليه السلام ، و اصبح يوسف عليه السلام هو عزيز مصر فجاء الناس من اماكن مختلفه حتى يأخذوا الطعام و من ضمن الذين جاءوا طلبون الطعام اخوة يوسف ، الذى عندما رأهم عرفهم و اخذ يبحث بينهم على اخيه شقيقه و لكنه لم يجده بينهم فقال لهم : ائتونى به و سوف اعطى لك الطعام و لكن اذا جاءتم بدونه فى المرة القادمه لن تأخذوا الطعام ف أنا اوفى الكيل .
فذهبوا اخوة يوسف عليه السلام و عادوا إلى بلدهم .
رجع أخوة يوسف إلى كنعان فرحين حاملين معهم المتاع الثمين ، لكنهم كانوا يفكّرون بمصيرهم في المستقبل و أنه لو رفض الأب و لم يوافق على سفر أخيهم الصغير ( بنيامين ) فإن عزيز مصر سوف لن يستقبلهم ، كما أنه لا يعطيهم حصّتهم من الحبوب و المؤن .
و من هنا يقول القرآن :
﴿ فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ ﴾ .
ولا سبيل لنا للحصول عليه إلا أن ترسل معنا أخانا .
﴿ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَل ﴾ْ .
و كن على يقين من أننا سوف نحافظ عليه و نمنعه من الآخرين .
﴿ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾. .
أما الأب الشيخ الكبير الذي لم يمح صورة ( يوسف ) عن ذاكرته مرّ السنين فإنه حينما سمع هذا الكلام استولى عليه الخوف و قال لهم معاتبًا :
﴿ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ ﴾ .
فكيف تتوقّعون منّي أن أطمئن بكم و أُلبّي طلبكم و أوافق على سفر ولدي و فلذة كبدي معكم إلى بلاد بعيدة ، ولا زلت أذكر تخلّفكم في المرّة السابقة عن عهدكم ، ثمّ أضاف
﴿ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾.
ثم إن الأخوة حينما عادوا من مصر .
﴿ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ﴾
فشاهدوا أنّ هذا الأمر هو برهان قاطع على صحّة طلبهم ، فجاءوا إلى أبيهم و
﴿ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ﴾
و هل هناك فضل و كرم أكثر من هذا أن يقوم حاكم أجنبي و في ظروف القحط و الجفاف ، بمساعدتنا و يبيع لنا الحبوب و المؤن ثم يرد إلينا ما دفعناه ثمنًا له ؟!
ثم إنه ردّ بضاعتنا علينا بشكل خفي بحيث لا يستثير فينا الخجل ? أليس هذا غاية الجود و الكرم ؟! فيا أبانا ليس هناك مجال للتأخير ? ابعث معنا أخانا لكي نسافر و نشتري الطعام ﴿ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ﴾
و سوف نكون جادين في حفظ أخينا
﴿ وَنَحْفَظُ أَخَانَا ﴾ .
و هكذا نتمكن من أن نشتري كيل بعير من الحبوب .
﴿ وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِير ﴾ٍ .
و إنّنا على يقين في أن سماحة العزيز و كرمه ? سوف يسهلان حصوله و ﴿ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِير ﴾ .
و في كل الأحوال ? رفض يعقوب إرسال ابنه بنيامين معهم ، و لكنه كان يواجه إصرار أولاده بمنطقهم القوي بحيث اضطر إلى التنازل على مطلبهم و لم يرَ بدًا من القبول ، و لكنه وافق بشرط :
﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾ .
و المقصود من قوله (موثقًا من الله) هو العهد و اليمين المتضمّن لاسم الله سبحانه و تعالى .
و على كل حال فقد وافق أخوة يوسف على شرط أبيهم ، و حينما أعطوه العهد و المواثيق المغلّظة قال يعقوب :
﴿ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ .
لا تدخلوا من باب واحد .
توجّه أخوة يوسف صوب مصر للمرة الثانية بعد إذن أبيهم و موافقته على اصطحاب أخيهم الصغير معهم ، و حينما أرادوا الخروج و دّعهم أبوهم موصيًا إياهم بقوله :
﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ﴾ .
شكّ في أن عاصمة مصر في تلك الأيام شأنها شأن جميع البلدان ، كانت تمتلك سورًا عاليًا و أبوابًا متعدّدة و كان يعقوب قد نصح أولاده ، بأن يتفرقّوا إلى جماعات صغيرة ، و تدخل كل جماعة من باب واحد .
ذهب جمع إلى أن سبب هذه النصيحة هو إن أخوة يوسف كانوا يتمتعون بقسط وافر من الجمال ، ( و إن لم يكونوا كيوسف لكنهم في كل الأحوال كانوا إخوته ) و بأجسام قوية رشيقة ، و كان الأب الحنون في قلق شديد من إلفات نظر الناس إلى هذه المجموعة المكونّة من 11 شخصًا و يدلّ سيماهم على أنهم غرباء و إنهم ليسوا من أهل مصر ، فيصيبهم الحسد من تلك العيون الفاحصة .
و هناك سبب آخر ، و هو أن دخول هذه المجموعة إلى مصر بوجوههم المشرقة و أجسامهم الرشيقة القويمة و السير في شوارعها ، قد يثير الحسد و البغضاء في بعض النفوس الضعيفة فيسعون ضدهم عند السلطان و يظهرونهم كمجموعة أجنبية تحاول العبث بأمن البلد و نظامه ، فحاول يعقوب عليه السلام أن يجنّبهم بنصيحته عن هذه المشاكل .
واصل الأخوة سيرهم نحو مصر ، و بعد أن قطعوا مسافة طويلة و شاسعة بين كنعان و مصر دخلوا الأراضي المصرية .
و أخيرًا دخل الأخوة على يوسف و أعلموه بأنهم قد نفذّوا طلبته و اصطحبوا معهم أخاهم الصغير برغم امتناع الأب في البداية ، و لكنهم أصّروا عليه و انتزعوا منه الموافقة لكي يثبتوا لك إنهم قد وفوا بالعهد ، أما يوسف فإنه قد استقبلهم بحفاوة و كرم بالغين و دعاهم لتناول الطعام على مائدته ، فأمر أن يجلس كل اثنين على طبق من الطعام ، ففعلوا و جلس كل واحد منهم بجنب أخيه على الطعام ، و بقي بنيامين وحيدًا فتألم من وحدته و بكى و قال :
لو كان أخي يوسف حيًّا لعطف عليّ و لأجلسني إلى جنبه على المائدة لأننا إخوة من أب واحد و أم واحدة ، قال يوسف مخاطبًا إياهم :
إن أخاكم بقي وحيدًا و إنني سأجلسه بجنبي على المائدة و نأكل سوية من الطعام ، ثم بعد ذلك أمر يوسف بأن تهيّأ لهم الغرف ليستريحوا فيها و يناموا ، و مرة أخرى بقي بنيامين وحيدًا ، فاستدعاه يوسف إلى غرفته و بسط له الفراش إلى جنبه ، لكنه لاحظ في تقاسيم وجهه الحزن و الألم و سمعه يذكر أخاه المفقود ( يوسف ) متأوّهًا ، عند ذلك نفذ صبر يوسف و كشف عن حقيقة نفسه ، و القرآن الكريم يصف هذه الوقائع بقوله :
﴿ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ .
و المراد بقوله ( يعملون ) هو معاملة الأخوة السيئة لأخيهم بنيامين حيث خططّوا لإبعاده و طرده من بينهم كما فعلوا بيوسف ? فقال يوسف لأخيه : لا تحزن فإن المحاولات التي قاموا بها لإلحاق الضرر بي قد انقلبت إلى خير و سعادة و رفعة لي ، إذًا لا تحزن و كن على يقين بأن محاولاتهم سوف تذهب أدراج الرياح .
عند ذاك اقترح يوسف على أخيه بنيامين و قال له : هل تود أن تبقى عندي ولا تعود معهم ؟
قال بنيامين : نعم ، و لكن إخوتي لا يوافقون على ذلك ، لأنهم قد أعطوا أبي العهود و المواثيق المغلّظة بأن يرجعوني إليه سالمًا .
قال يوسف : لا تهتّم بهذا الأمر فإني سوف أضع خطة محكمة بحيث يضطرون لتركك عندي و الرجوع دونك ، و بدأ يوسف بتنفيذ الخطة ، و أمر بأن يعطي لكل واحد منهم حصّة من الطعام و الحبوب ثم عند ذاك .
﴿ فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ﴾.
لا شك في أن يوسف قام بهذا العمل بسرية تامة ، لم يطلّع على هذه الخطة سوى موظّف واحد و عند ذاك افتقد العاملون على تزويد الناس بالمئونة الكيل الملكي الخاص ، و بحث عنه الموظفون و العمال كثيرًا لكن دون جدوى و حينئذ .
﴿ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ﴾ .
و حينما سمع أخوة يوسف هذا النداء ارتعدت فرائصهم و استولى عليهم الخوف ، حيث لم يخطر ببالهم أن يتهموا بالسرقة بعد الحفاوة التي قوبلوا بها من جانب يوسف ، فتوجّهوا إلى الموظفين و العمال و قالوا لهم : ماذا فقدتم؟
﴿ قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُون ﴾َ .
قالوا : قد فقدنا صواع الملك و نظن إنّه عندكم .
﴿ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ ﴾ .
ربما أن الصواع ثمين و مورد علاقة الملك فإن لمن يعثر عليه جائزة ، و هي حمل عبير من الطعام .
﴿ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِير ﴾ٍ .
ثم أضاف المؤذّن و المسئول عن البحث عن الصواع المفقود : إنني شخصيًا أضمن هذه الجائزة ﴿ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ ﴾ .
فاشتد اضطراب الأخوة لسماعهم هذه الأمور و زادت مخاوفهم ، و توجّهوا إلى الموظّف مخاطبين إياه .
﴿ قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾ .
إلا أن الموظفين توجهوا إليهم و
﴿ قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ ﴾ .
أجاب الإخوة : إنه عقاب من وجد الصواع في رحله هو أن يؤخذ الشخص نفسه بدل الصواع .
﴿ قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ﴾ .
و إن هذا العقاب هو جزاء السارق .
﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ .
و حينئذ أمر يوسف الموظفين و العمال بأن تنزل رحالهم من على ظهور الجمال و يفتح متاعهم و أن يبحثوا فيها واحدًا بعد واحد و دون استثناء ، و تجنّبًا عن انكشاف الخطة أمر يوسف بأن يبدأو بالبحث و التفتيش في أمتعة الأخوة أوّلاً قبل أمتعة أخيه بنيامين ، لكنهم وجدوه أخيرًا في أمتعة بنيامين .
﴿ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ ﴾ .
بعد أن عثر على الصاع في متاع بنيامين ، استولى الارتباك و الدهشة على الأخوة ، و صعقته هذه الواقعة و رأوا أنفسهم في حيرة غريبة ، فمن جهة قام أخوهم بعمل قبيح و سرق صواع الملك ، و هذا يعود عليهم بالخزي و العار ، و من جهة أخرى إن هذا العمل سوف يفقدهم اعتبارهم و نفوذهم عند الملك خصوصًا مع حاجتهم الشديدة إلى الطعام ، و إضافة إلى كل هذا كيف يجيبون على استفسارات أبيهم ؟ و كيف يقنعونه بذنب ابنه و عدم تقصيرهم في ذلك ؟
قال بعض : إنه بعد أن عثر على الصاع توجه الأخوة إلى بنيامين و عاتبوه عتابًا شديدًا ، فقالوا له : ألا تخجل من فعلك القبيح فقد فضحتنا و فضحت أباك يعقوب ، و آل يعقوب . . قل لنا كيف سرقت الصاع و وضعته في رحلك ؟
أجابهم بنيامين ببرود ، حيث كان عالمًا بالقضية و أسرارها : إن الذي قام بهذا العمل و وضع الصواع في رحلي ، هو نفسه الذي وضع الأموال في متاعكم المرة السابقة ، لكن الأخوة لم ينتبهوا ? لهول الواقعة عليهم ? لمغزى كلام بنيامين .
ثم يستمر القرآن الكريم و يبيّن كيف استطاع يوسف أن يأخذ أخاه بالخطّة التي رسمها الله دون أن يثير في أخوته أي نوع من المقاومة و الرفض .
﴿ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ﴾ .
يستفاد من القرآن الكريم أن عقوبة السرقة عند المصريين كانت تختلف عنها عند الكنعانيين ، فعند أخوة يوسف ( آل يعقوب ) و لعله عند الكنعانيين كانت العقوبة هي عبودية السارق ( بصورة دائمة أو مؤقتة ) لأجل الذنب الذي اقترفه يقول الطبرسي في مجمع البيان ? ذيل الآية ? إن السنّة المتبعة لدى بعض المجتمعات في ذلك الزمان هو أن يصير السارق عبدًا لمدة سنة كاملة ، و ذكر أيضًا أن أسرة يعقوب كانت ترى عبودية السارق بمقدار ما سرق ( أي يعمل عندهم بذلك المقدار ) .
و أخيرًا اقتنع أخوة يوسف بأن أخاهم ( بنيامين ) قد ارتكب فعلاً شنيعًا و قبيحًا و إنه قد شوّه سمعتهم و خذلهم عند عزيز مصر ، فأرادوا أن يبرّأوا أنفسهم و يعيدوا ماء وجههم قالوا :
﴿ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ﴾ .
أي أنه لو قام بالسرقة فهذا ليس بأمر عجيب منه فإن أخاه يوسف و هو أخوه لأبويه قد ارتكب مثل هذا العمل القبيح ، و نحن نختلف عنهما في النسب ، و هكذا أرادوا أن يفصلوا بينهم و بين بنيامين و يربطوه بأخيه يوسف .
و حينما سمع يوسف كلامهم تأثّر بشدّة لكنه كتم في نفسه .
﴿ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ﴾ .
لأنه كان عالمًا بأنهم قد افتروا عليه و اتهموه كذبًا ، إلا أنه لم يرد عليهم و قال لهم باختصار و اقتضاب .
﴿ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ﴾ .
أي أنكم أحقر و أشرّ مكانًا ممّن تتّهمونه و تنسبون إليه السرقة ، أو أنتم أحقر الناس عندي .
ثم أضاف يوسف : إن الله سبحانه و تعالى أعلم بما تنسبون .
﴿ وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ ﴾ .
الملاحظ هنا أنه برغم إن أخوة يوسف افتروا عليه زورًا و اتهموه بالسرقة لكي يبرّأوا أنفسهم ، لكن لا بدّ و أن تكون لهذه التهمة أرضية قديمة بحيث تمسّك بها الإخوة في تلك اللحظة الحرجة .
و قد نقلوا ثلاثة نصوص في هذا المجال فى تفسير ﴿ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ﴾ :
الأول : أن يوسف بعد أن توفيت أمه قضى فترة من طفولته عند عمته ، و قد كانت تكنّ له حبًّا عميقًا ، و حينما كبر يوسف و أراد يعقوب أن يفصله عنها ، لم ترَ عمته حيلة و وسيلة للاحتفاظ بيوسف إلا بحيلة نسائية و ذلك بأن ربطت على خاصرته حزامًا أو شالًا مما تركه آل إسحاق ، ثم ادّعت أن يوسف أراد سرقتها ، فلا بد من أن يعاد إليها يوسف ? و طبقًا للدستور و السنّة المتبعّة عندهم ? عبدًا قنًا جزاءً له .
الثاني : قيل إن امرأة من أرحام يوسف من أمه كان لها صنم تعبده ، فأخذه يوسف و حطمه و رمى به على الطريق ، فاتهموه بالسرقة .
الثالث : قيل إن يوسف كان يأخذ أحيانًا بعض الطعام من المائدة و يتصدّق به على الفقراء و المساكين ، فعلم الإخوة بذلك و اتهموه بالسرقة .
لكن مثل هذه الأعمال لا تعدّ سرقة ، لأن النبيه يعرف أن ربط الحزام على الشخص دون علمه بأنه ملك للغير ، أو كسر الصنم و رميه على الطريق ، أو أخذ الطعام من المائدة التي بسطها أبوه و يعلم أنه يرضى بالتصدّق ببعضها للفقراء و المساكين ، لا يعدّ سرقة ولا يجوز معاقبة من فعله بهذه التهمة .
ماذا سوف يفعلوا اخوة يوسف حتى يعيدوا أخاهم معهم ؟
ماذا سوف يكون رد فعل أبوهم ( يعقوب عليه السلام ) عندما يعلم بما حدث ل ابنه ؟
انتظروا الفصل القادم .
يتبع .
***************