امرأة في الظل ( مجموعة قصصية بقلم شيما ) الفصل الثاني
الفصل الثاني
خشيت أن يلفت تحديقها إليه انتباهه، فحولت عينيها عنه وتقدمت إلى الأمام
كان المزاد قد وصل إلى سبعمائة ألف . بالدلال يعلن : ثمانمائة ألف جنيه مضت فترة هدوء قصيرة شعرت ندي أثناءها بالأمل،
ثم إذ بدلال يعلن ثمانمائه الف دولار وذلك بارتفاع مئة ألف .
شهق المتفرجون، وتوتر فك رشدي، وبحركة مفاجئة ، أشار إلى أنه ينسحب من المزاد
. اهتزت ندي شاعرة بالأسى لأجله توقعت أن يزيد الثمن المدفوع - للماسة، لكنه أدرك أمام منافس كهذا، أن الاستمرار في المزايدة ضرب من الجنون
في لحظة إعلان انتهاء المزاد، نهض واقفاً ثم أمسك مرفقها يساعدها على الوقوف حاول إخفاء خيبته وضيقه تحت مظهر زائف من الهدوء. لكن استعحاله الخروج من المكان كان واضحاً، وكذلك هي يجب ألا يراها يجب يراها، كبتت رغبة جامحة في الاندفاع هاربة عبر حشد الحاضرين. وهكذا تحركت نحو أقرب مخرج، وذراع رشدي حول خصرها . كف قلبها عن الخفقان لمرأى رجل طويل أسود الشعر، لكنها أمعنت النظر، فرأت أنه سمين وفي الأربعين من عمره على ألاقل
وصلا إلى الباب عندما استوقف رشدي أحد معارفه، وهو يقول له بعطف: حظ سيء، ولكن ماذا بإمكانك أن تفعل إزاء منافس كهذا
هل عرفت من يكون؟
- نعم، إنه كمال فريد، وهو ملياردير وعايش في امريكا لكني سمعت همساً بأنه جاء من هناك لحضور هذا المزاد، وهذا يعني
ينوي الحصول عليها . وعندما ابتعد الرجل، قال ريتشارد
نادماً: كان عليّ أن أعلم هذا فقد و جهت كمال من قبل -
شعرت ندي وكأنها تلقت صدمة لم يخطر لها قط أن الرجلين قد تعارفا من قبل كان رشدي يتابع قائلاً بتعبير وجه جامد. عندما يريد هذا العنيد شيئاً، لا شيء يقف في طريقه أنه منافس لا يستهان به.
وهذه هي الحقيقة بعد حوالي ستة أسابيع على رحيلها، أخذ رجل يبدو أنه محقق خاص، يقتفي أثرها ويراقب تحركاتها كانت تدرك مدى قوة كمال، وتعلم أنها لا تريد العودة إليه أبداً، لذلك وجدت نفسها مرغمة على الهرب إلى حيث غيرت اسمها وأحفت نفسها، وجعلتها تلك الذكرى ترتجف
شعر ريتشارد بالحركة الخفيفة، فالتفت إليها بسألها وقد استعاد هدوءه
هل تعرفين كمال فريد يا ندي؟
اجابت بصوت ابقت علي ثباته. لا.. لا اعرفه
۔ فقال بقلق : هل تشعرين بشيء؟ تبدين شاحبة؟
ـ ليس بي شيء ربما ردة فعل على ما حدث
كانت القهوة تقدم في قاعة الطعام، فسألها : أتريدين الجلوس وتناول.فنجان قهوة والاستراحه قليلا
هزت رأسها وهي تقول له. - كلا، شكراً
فبدا عليه الارتياح إذن، سأحضر لك معطفك
رغم أنه عاد بالمعطف مسرعاً، إلا أن ندي وجدت الوقت طويلاً وهي ترتديه ثم يسيران معاً عبر البهو
افتريا من الباب عندما أقبل نحوهما رجل أسود الشعر طويل القامة عريض المنكبين، خرج من خلف أحد أعمدة اليهو وكأنه كان ينتظرهما ليقطع عليهما الطريق
. أخذ قلبها يحقق بعنف، واحتقن وجهها وهي تواجه هذا الرجل الذي كانت ترجو ألا تراه مرة أخرى.. حاولت الاحتفاظ بالهدوء وهي تقنع
نفسها بأنه لا يستطيع أن يلحق بها الأذى الآن، مهما كانت نواياه
مد الرحل يده إلى رشدي، دون أن يلقي عليها نظرة اليها او حتي يلتفت. لقد قلت بشراسه يا رشدي.
حاول إن يخفف استعلاءه. بهذه الكلمات.. واجاب رشدي وهو يصافحه. مخفيا عداءه.. ايجعلنا ذلك متعادلين يا كمال.
قال الرجل بلطف. لا اظن ذلك
ساد الصمت لحظه. ولم يبتعد اجبرت رشدي علي تعريفه الي رفيقته والقيام بواجب التعارف
ـ هل لي أن أقدم إليك السيد كمال ،يا ندي
- دفعتها الكبرياء البائسة إلى إبقاء رأسها مرفوعا وهي تنظر إلى هنا الفتاة - الوجه المستبد. توقعت أن يقول إنه يعرفها جيداً
كان التوتر ظاهراً بين الرجلين، لذلك علمت أن رشدي لن يعجبه الخبر لو أنها اعترفت له بمعرفتها بالرجل حين ،سالها لما كان الوضع بهذا السوء ولكنها، بإنكارها ذلك، أظهرت نفسها مخادعة ـ أعرفك بخطيبتي الآنسة ندي ،
مذ كمال يده يصافحها وهو يقول بعدم اكتراث" تشرفت بمعرفتك يا انسه
وكانت نظراته هادئة وتحيته لها عادية تماماً ما أثار استغرابها
جذبت نفساً عميقاً، لا تكاد تصدق أنه لم يعرفها. ولكن ما أرى وهي المانع من ذلك؟ إنه طبعاً لا يعرف الاسم هذا، فاسمها الحقيقي هو ندي وهي تُعرف منذ الطفولة باسم . . .
هذا بالإضافة إلى أنها تغيرت كثيراً منذ افترقا، فقد كانت عظامها
النحيلة مكسوة بطبقة من الشحم ولم يكن حاجباها الكثيفان منتظمين، أما شعرها الطويل فكان قصيراً مجعداً. لكن أكثر ما تغير فيها هو طريقة يا تصرفها فقد ذهبت تلك الفتاة الممتلئة الجسم البسيطة الملابس الباسمة الفم، الضاحكة العينين، والساذجة الودود إلى غير رجعة ، وحلت مكانها امرأة رشيقه انيقه متزنه محنكه عيناها الرمادتين متحفظتان وشفتاها ناضجتان
نعم لقد تغيرت الي حد وفر عليها كما يبدو ما كان سيحدث من مشاكل لو انه عرفها
عندما احتوت قبضته يده الدافئة أصابعها الباردة شعرت بالتوتر والوهن في ساقيها
لطالما امتلك تأثيراً جدياً بالغاً فيها، يجذبها إليه كالمغناطيس بالرغم من إرادتها
تملكها الذعر لكنها ذكرت نفسها بأنها امرأة ناضجة الآن ولم تعد تلك الفناة سريعة التأثر، ولا فتاة وحيدة في الحياة
لديها الآن رشدي ، وإذا دعت الحاجة سيكون صخرة تستند إليها
لكن من المؤكد أنها لن تحتاج إلى ذلك بالنظر إلى موقف «كمال» منها و نسيانه لها كلياً. إنها إذن أمنة والحمد الله
ولكن، أهذا معقول؟ ألا يمكن أن تكون هذه لعبة منه؟ حسناً، إذا كان
الأمر كذلك، فليس أمامها سوى مواجهة ما سيحدث . ويجهد جهيد، تمكنت من القول بصوت منخفض «تشرفنا )
ـ هل أنت مخطوبة منذ مدة طويلة، يا آنسة؟
أجفلت لهذا السؤال، وعندما نظرت فاغرة الفم، أضاف يقول: لاا رى في إصبعك خاتم الخطبة .
ثم التفت إلى رشدي المتوتر الشفتين، وقال بابتسامة عتب ـ يجعلني . هذا أتساءل عما إذا كان لديك دافع خاص لشراء هذه الماسة
لطالما تحلى «كمال» بذكاء حاد. هذا ما فكرت به ندي بإعجاب رغم عنها
قال رشدي متجاهلاً السؤال، وهو يمسك بذراع ندي : نرجو المعذرة، ولكن هذا ليس من شانك وارجوالمعذرة إذا تأخرنا اكثرمن ذلك فلن نعثر بسهولة على سيارة أجرة .