رواية النار و الماء .
الفصل الثالث عشر .
وصلنا الفصل الماضى عندما ذهبوا اخوة يوسف إلى مصر مرة اخرى ، لكى يبحثوا على يوسف و اخيه كما امرهم ابيهم ، و عندما وصلوا إلى مصر قابلوا اخيهم الاكبر الذى رفض أن يغادر معهم بسبب الموثق الذى اعطاه ل ابيه . . و قاموا اخوته بسأله عن حال اخيهم الصغير بنيامين و هل علم عنه شئ ، و لكنهم تفاجوا مما القاه على سمعهم اخهم الكبير ، حيث قال لهم : أن اخاهم يرافق العزير فى كل مكان يذهب إلى بل و من يراه لا يقول عليه ابدا ان ذاك يكون عبدا عند العزيز ، احتاروا اخوة يوسف فى معاملة العزيز ل اخيهم بنيامين ، و قراروا أن يذهبوا إلى العزيز و عندما وصلوة و أخذوا يطلبوا منه السماح ، و يستفسر مننم عن ما فعلوه فى يوسف حتى ظنوا أخوة يوسف أن عزيز مصر هو نفسه اخاهم يوسف عليه السلام .
دموع الفرح .
كانت هذه الدقائق أصعب اللحظات على الإخوة ، حيث لم يكونا يعرفون محتوى إجابة العزيز ، و أنه هل يرفع الستار و يظهر لهم حقيقته ، أم أنه سوف يعتقد بأنهم مجانين حيث ظنّوا هذا الظنّ . .
كانت اللحظات تمرّ بسرعة و الانتظار طويل يثقل على قلوبهم فيزيد في قلقهم ، لكن يوسف لم يدع إخوته يطول بهم الانتظار و رفع الحجاب بينه و بينهم و أظهر لهم حقيقة نفسه و . .
﴿ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَ هَذَا أَخِي ﴾ .
لكن لكي يشكر الله سبحانه و تعالى على ما أنعمه من جميع هذه المواهب و النعمن و لكي يعلّم إخوته درسًا آخر من دروس المعرفة قال : إنه . .
﴿ قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ .
لا يعرف أحد كيف مرّت هذه اللحظات الحسّاسة على الإخوة كما لا يعرف أحد مدى انفعالهم و ما غامرهم من السرور و الفرح و كيف تعانقوا و احتضنوا أخاهم ، و الدموع الغزيرة التي ذرفوها و ذلك حينما التقوا بأخيهم و بعد عشرات السنين من الفراق . . لكنهم في كل الأحوال كانوا لا يطيقون النظر إلى وجه أخيهم يوسف لعلمهم بالذنب و الجريمة التي اقترفوها في حقّه ، فترقبّوا إجابة يوسف و إنه هل يغفر لهم إساءتهم إليه و يعفو عن جريمتهم أم لا ؟ فابتدءوا مستفسرين بقولهم :
﴿ قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا ﴾ .
أي أن الله سبحانه و تعالى قد فضلّك علينا بالعلم و الحلم و الحكومة .
﴿ وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴾ .
اليوم يوم الرحمة .
يوسف الذي كانت نفسه تأبى أن يرى إخوته في حال الخجل و الندامة ? خاصّة في هذه اللحظات الحسّاسة و بعد انتصاره عليهم ? أو لعلّه أراد أن يدفع عن أذهانهم ما قد يتبادر إليها من احتمال أن ينتقم منهم ، فخاطبهم بقوله :
﴿ قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ﴾ .
أي أن العتاب و العقاب مرفوع عنكم اليوم ، اطمئنوا و كونوا مرتاحي الضمير ولا تجعلوا للآلام و المصائب السابقة منفذًا إلى نفوسكم ، ثم لكي يبيّن لهم أنه ليس حده الذي أسقط حقّه و عفا عنه ، بل إن الله سبحانه و تعالى أيضًا عفا عنهم حينما أظهروا الندامة و الخجل قال لهم :
﴿ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ .
أي أن الله سبحانه و تعالى قد قبل توبتكم و عفا عنكم لأنه أرحم الراحمين .
و هذا دليل على على علوّ قدر يوسف و غاية فضله حيث إنه لم يعف عن سيئات إخوته فحسب ، بل رفض حتى أن يوبّخ و يعاتب إخوته ? فضلاً عن أن يجازيهم و يعاقبهم ? إضافة إلى هذا فإنه طمأنهم على أن الله سبحانه و تعالى رحيم غفور و أنه تعالى سوف يعفو عن سيئاتهم ، و استدل لهم على ذلك بأن الله سبحانه و تعالى هو أرحم الراحمين .
و هنا تذكّر الإخوة مصيبة أخرى قد ألمّت بعائلتهم ، و الشاهد الحي على ما اقترفوه في حقّ أخيهم ألا و هو أبوهم حيث فقد الشيخ الكبير بصره حزنًا و فراقًا على يوسف ، أمّا يوسف فإنه قد وجد لهذه المشكلة حلاًًّ حيث خاطبهم بقوله :
﴿ اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ .
من الذي حمل قميص يوسف ؟ .
إن يوسف قال :
إن الذي يحمل قميصي المشافي إلى أبي هو نفسه الذي حمل قميصي الملطّخ بالدماء إليه ، لكي يدخل السرور على قلبه بعد أن ملأ قلبه حزنًا و ألمًا من قبل ! فأعطى لـ ( يهوذا ) قميصه بعد أن اعترف إنه هو الذي حمل قميصه الملطّخ بالدماء إلى أبيه ، و أخبره بأن الذئب قد أكل يوسف و هذا التصرّف من يوسف إن لم يدل على شيء . . فإنه يدل على أنه برغم أعماله الكثيرة و متاعبه اليومية ، فإنه لم يغفل عن صغائر الأمور المتعلّقة بالسلوك الأخلاقي .
يوسف و جلالة شأنه .
إن إخوة يوسف ? بعد هذه القضايا ? كانوا يحسّون بالخجل الشديد فأرسلوا إليه من يقول له : يا يوسف إنك تستضيفنا كل يوم صباحًا و مساءً ? على مائدتك فنأكل من زادك و هذا ما يزيد في خجلنا حيث لا نطيق النظر إلى وجهك بعد أن نتذّكر إساءتنا إليك . . فأجابهم بكلمة لطيفة ليبعد عنهم الخجل بأن الفضل يعود إليهم ، و أن جلوسهم على مائدته لهو مكرمة منهم ، و أن الشعب المصري كانوا ينظرون إليّ نظرة الحرّ على العبد و يقولون فيما بينهم ( سبحان من بلغ عبدًا بيع بعشرين درهمًا ما بلغ ! ! ) أي انظروا إلى فعل الله سبحانه و تعالى بهذا العبد فإنه قد بيع في السوق بعشرين درهمًا و هو الآن وصل إلى هذه المرتبة السامية ، لكنهم الآن ينظرون إلى مائدتي و أنت جلوس حولها ، فيعرفون قدري و تثبت لهم منزلتي و إنني لست بعبد ذليل بيع بعشرين درهمًا ، و إنما سليل بيت النبّوة و الرسالة و من أولاد نبي الله إبراهيم الخليل ، و هذا ما أباهي و أفتخر به .
يا ترى ايه هيحصل مع يوسف تانى ؟ .
يا ترى ايه هيكون رد فعل سيدنا يعقوب عليه السلام ، عندما يعلم ان ابناءه لقد عثروا على اخهم يوسف ؟ .
يا ترى اخوة يوسف هيعملوا ايه لما يعرف ان يوسف عليه السلام هو اخوهم ؟ .
انتظروا الفصل القادم ، ياريت تقولوا رأيكم فى طريقة السرد و ايه اكتر حاجه حبتوها ، هستنى تعليقاتكم و تفاعلكم مع الأحداث .
يتبع .
*************