رواية النار و الماء .
الفصل الخامس .
ماذا فعلت اخوة يوسف معه ؟
وقفنا فى الفصل الماضى عندما وافق سيدنا يعقوب على ان يأخذوا أبنائه اخاهم يوسف غير الشقيق معهم حتى يلعب ، و فى صباح اليوم التالى قام اخوته بأخذ يوسف إلى مكان الرعى و ذهبوا إلى أحد الأبار الذى يأتى عليها الناس حتى يحصلوا على الماء ، و قام بألقاء يوسف فى البئر .
{ وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ ( 16 ) قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ( 17 ) وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } .
عند العشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة .
لقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة ، فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم !
و لكنهم كانوا معجلين لا يصبرون ، يخشون ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى .
كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب المكشوفة دليلا على التسرع ، و قد اكن أبوهم يحذرهم منها أمس ، و هم ينفونها ، و يكادون يتهكمون بها .
فلم يكن من المستساغ أن يذهبوا في الصباح ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه امس !
و بمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان و نسوا في انفعالهم أن يمزقوا قميص يوسف .
جاءوا بالقميص كما هو سليما ، و لكن ملطخا بالدم . . و انتهى كلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا : ( وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ) .
أي و ما أنت بمطمئن لما نقوله ، و لو كان هو الصدق ، لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله .
أدرك يعقوب من دلائل الحال و من نداء قلبه و من الأكذوبة الواضحة ، أن يوسف لم يأكله الذئب ، و أنهم دبروا له مكيدة ما ،
و أنهم يلفقون له قصة لم تقع ، فواجههم بأن نفوسهم قد حسنت لهم أمرا منكرا و ذللته و يسرت لهم ارتكابه ؛ و أنه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو ، مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيل و أكاذيب :
{ وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَـذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } .
تقول بعد الروايات أن الله سبحانه و تعالى أنزل أحد الملائكة حتى تتلقف سيدنا يوسف عليه السلام قبل أن يسقط فى البئر ، و بقى هذا الملاك حامل سيدنا يوسف حتى مرت قافلة .
أثناء وجود يوسف بالبئر ، مرت عليه قافلة . . قافلة في طريقها إلى مصر ، قافلة كبيرة ، سارت طويلا حتى سميت سيارة .
كلها تتجه إلى البئر ، توقفوا للتزود بالماء ، أدلى الدلو في البئر ، تعلق يوسف به ، ظن من دلاه أنه امتلأ بالماء فسحبه .
يا للبشرى ! هذا غلام . . حكمه حكم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد ، يصير عبدا لمن التقطه ، هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد .
فرح به من وجده في البداية ، ثم زهد فيه حين فكر في همه و مسئوليته ، و زهد فيه لأنه و جده صبيا صغيرا .
و عول على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر . . و لم يكد يصل إلى مصر حتى باعه في سوق الرقيق بثمن بخس دراهم معدودة . . و من هناك اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية .
{ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } .
انظر كيف يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها .
( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .
لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف ، ألقي في البئر ، أهين ، حرم من أبيه ، التقط من البئر ، صار عبدا يباع في الأسواق ، اشتراه رجل من مصر ، صار مملوكا لهذا الرجل . . انطبقت المأساة ، و صار يوسف بلا حول ولا قوة ، هكذا يظن أي إنسان . . غير أن الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما .
ما نتصور نحن أنه مأساة و محنة و فتنة ، كان هو أول سلم يصعده يوسف في طريقه إلى مجده .
( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ) .
ينفذ تدبيره رغم تدبير الآخرين ، ينفذ من خلاله تدبير الآخرين ف يفسده و يتحقق وعد الله ، و قد وعد الله يوسف بالنبوة .
و ها هو ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه . . و ها هو ذا السيد يقول لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا .
و ليس هذا السيد رجلا هين الشأن . . إنما هو رجل مهم ، رجل من الطبقة الحاكمة في مصر .
سنعلم بعد قليل أنه وزير من وزراء الملك .
وزير خطير سماه القرآن “ العزيز ” ، و كان قدماء المصريين يطلقون الصفات كأسماء على الوزراء . فهذا العزيز . . و هذا العادل ، و هذا القوي ، إلى آخره . . و أرجح الآراء أن العزيز هو رئيس وزراء مصر .
و هكذا مكن الله ل يوسف في الأرض . . سيتربى كصبي في بيت رجل يحكم ، و سيعلمه الله من تأويل الأحاديث و الرؤى ، و سيحتاج إليه الملك في مصر يوما .
( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .
تم هذا كله من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف ، ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول :
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } .
كان يوسف أجمل رجل في عصره ، كان وجهه يحمل طاقة من الجمال البشري المدهش ، و كان نقاء أعماقه و صفاء سريرته يضفيان على وجهه مزيدا من الجمال . . و أوتي صحة الحكم على الأمور .
و أوتي علما بالحياة و أحوالها ، و أوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب من يستمع إليه . . و أوتي نبلا و عفة ، جعلاه شخصية إنسانية لا تقاوم .
و أدرك سيده أن الله قد أكرمه بإرسال يوسف إليه .
اكتشف أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانة و استقامة و شهامة و كرما . . و جعله سيده مسئولا عن بيته و أكرمه و عامله كابنه .
في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف القانية ، و هي أشد و اعمق من المحنة الاولى ، جاءته و قد أوتي صحة الحكم و اوتي العلم - رحمة من الله - ليواجهها و ينجو منها جزاء إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه .
{ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ( 23 ) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } .
لا يذكر السياق القرآني شيئا عن سنها و سنه ، فلننظر في ذلك من باب التقدير ، لقد أحضر يوسف صبيا من البئر ، كانت هي زوجة في الثلاثة و العشرين مثلا ، و كان هو في الثانية عشرا .
بعد ثلاثة عشر عاما صارت هي في السادسة و الثلاثين ، و وصل عمره إلى الخامسة و العشرين .
أغلب الظن أن الأمر كذلك ، إن تصرف المرأة في الحادثة و ما بعدها يشير إلى أنها مكتملة جريئة .
و الآن ، لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات .
( وَرَاوَدَتْهُ ) صراحة ( عَن نَّفْسِهِ ) ، و أغلقت ( الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ) ، لن تفر مني هذه المرة .
هذا يعني أنه كانت هناك مرات سابقة فر فيها منها ، مرات سابقة لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة و هذا التعري ، فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة و إباءه .
فقررت أن تغير خطتها ، خرجت من التلميح إلى التصريح . . أغلقت الأبواب و مزقت أقنعة الحياء و صرحت بحبها و طالبته بنفسه .
ثم يتجاوزز السياق القرآني الحوار الذي دار بين امرأة العزيز و يوسف عليه السلام ، و لنا أن نتصور كيف حاولت إغراءه إما بلباسها أو كلماتها أو حركاتها ، لكن ما يهمنا هنا هو موقف يوسف - عليه السلام - من هذا الإغواء .
يقف هذا يوسف عليه السلام في وجه سيدته قائلا :
{ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } .
أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة من أكرمني بان نجاني من الجب و جعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن ، ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله ، فيرتكبون ما تدعينني اللحظة إليه .
قال تعالى :
{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } .
اتفق المفسرون حول همها بالمعصية ، و اختلفوا حول همه .
فمنهم من أخذ برواية الذى ذكرت أن يعقوب ظهر له ، أو جبريل نزل إليه ، لكن التلفيق و الاختلاق ظاهر في هذه الزوايات .
و من قائل : إنها همت به تقصد المعصية ، و هم بها يقصد المعصية و لم يفعل .
و من قائل : إنها همت به لتقبله و هم بها ليضربها .
و من قائل : إن هذا الهم كان بينهما قبل الحادث . كان حركة نفسية داخل نفس يوسف في السن التي اجتاز فيها فترة المراهقة ، ثم صرف الله عنه .
و أفضل تفسير تطمئن إليه نفسي أن هناك تقديما و تأخيرا في الآية .
قال أبو حاتم : كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة ، فلما أتيت على قوله تعالى :
( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ) .
قال أبو عبيدة : هذا على التقديم و التأخير،. بمعنى و لقد همت به . . و لولا أن رأى برهان ربه لهم بها .
يستقيم هذا التفسير مع عصمة الأنبياء ،
كما يستقيم مع روح الآيات التي تلحقه مباشرة .
( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) .
و هذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد الله المخلصين ، تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان ، قال تعالى لإبليس يوم الخلق :
( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) .
و ما دام يوسف من عباده المخلصين ، فقد وضح الأمر بالنسبة إليه ، لا يعني هذا أن يوسف كان يخلو من مشاعر الرجولة ، ولا يعني هذا أنه كان في نقاء الملائكة و عدم احتفالهم بالحس .
إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل قاومه فلم تمل نفسه يوما ، ثم أسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه ، عارفا أنه يوسف بن يعقوب النبي ، ابن إسحق النبي ، ابن إبراهيم جد الأنبياء و خليل الرحمن .
يبدو أن يوسف - عليه السلام - آثر الانصراف حتى لا يتطور الأمر أكثر ، لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه ، تدفعها الشهوة لذلك ، فتقطع المفاجأة .
يختصر المولى عز وجل ما حدث في كتابه فيقول :
{ وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } .
و هنا تتبدى المرأة المكتملة ، فتجد الجواب حاضرا على السؤال البديهي الذي يطرح الموقف .
فتقول متهمة الفتى :
{ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
و اقترحت هذه المراة - العاشقة - سريعا العقاب - المأمون - الواجب تنفيذه على يوسف ، خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه .
بيّنت للعزيز أن أفضل عقاب له هو السجن ، بعد هذا الاتهام الباطل و الحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عن نفسه :
{ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } .
تجاوز السياق القرآني رد الزوج ، لكنه بين كيفية تبرأة يوسف - عليه السلام - من هذه التهمة الباطلة :
{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ ( 26 ) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ ( 27 ) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } .
لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية ، أم أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه . .
كما أشارت بعض الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير ، بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع ، و رواية أخرى تقول أنه ابن عم امرات العزير كان قد جاء ل العزيز لطلب خدمه منه .
كل هذا جائز ، و هو لا يغير من الأمر شيئا .
ما يذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر للقميص ، فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من أثر مدافعتها له ، و هو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة و هو كاذب ، و إن كان قميصه ممزقا من الخلف فهو إذن من أثر تملصه منها و تعقبها هي له حتى الباب ، فهي كاذبة و هو صادق .
{ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } .
لما تأكد الزوج من خيانة زوجته ، لم يثر دمه في عروقه و لم يصرخ و لم يغضب ، فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي وقع فيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة و تلطف . . نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموما .
و صرح بأن كيد النساء عموم عظيم ، و هكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق ، ولا نحسب أنه يسوء المرأة أن يقال لها :
( إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) .
فهو دلالة على أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد ، بعدها التفت الزوج إلى يوسف قائلا له :
{ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا } .
أهمل هذا الموضوع ولا تعره اهتماما ولا تتحدث به .
هذا هو المهم ، المحافظة على الظواهر ، ثم يوجه عظة - مختصرة - للمرأة التي ضبطت متلبسة بمراودة فتاها عن نفسها و تمزيق قميصه :
{ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ } .
انتهى الحادث الأول . . لكن الفتنة لم تنته ، فلم يفصل سيد البيت بين المرأة و فتاها ، كل ما طلبه هو إغلاق الحديث في هذا الموضوع .
غير أن هذا الموضوع بالذات ، و هذا الأمر يصعب تحقيقه في قصر يمتلئ بالخدم و الخادمات و المستشارين و الوصيفات .
يا ترى ايه هيحصل مع سيدنا يوسف و امرات العزيز ( زوليخه ) ؟
يا ترى زوليخه سوف تكتفى إلى هذا الحد ام أنها لم تبتعد عن يوسف عليه السلام و لن تتركه و شأنه ؟
انتظروا الفصل الجاى .
يتبع .
*************